هناك بعض التصرفات السلوكية العدوانية الصادرة عن الأطفال مثل الضرب، والصراخ وحتى العض والتى قد تبدو عادية عندما تكون صادرة عن طفل عمره عام أو عامان، ولكن نفس تلك السلوكيات إذا صدرت من طفل عمره ثلاثة أو أربعة أعوام أو أكثر فإنه سيكون تصرفا قاسيا وأمرا غير مقبول. إن التحكم فى المشاعر والأحاسيس مهارة ليس من السهل اكتسابها والتمكن منها حتى بالنسبة للأشخاص البالغين، وليس فقط لدى الأطفال.
أسباب العدوانية:
و معظم الأطفال تحت سن الخامسة أو السادسة لا يكونون واعين تماما للتصرفات المقبولة اجتماعيا، فكل ما يهمهم فى هذا الوقت هو إسعاد والدهم أو والدتهم وتنفيذ ما يقولانه.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن الأطفال فى سن المدرسة الذين يتصرفون بطريقة عدوانية قد يكونون لم يعيشوا داخل أجواء يتم الاستماع إليهم فيها أو معاملتهم بالقدر الكافى من الحب. يجب على كل أب وأم أن يستمعوا إلى أطفالهم وأن يجلسوا معهم ليس فقط فى وقت الضحك والمرح ولكن أيضا فى الوقت الذى يكون فيه الطفل مجروحا، غاضبا أو حزينا. ف
فى الكثير من الأحيان لا يسمح للأطفال بالتحدث بطريقة سلبية أو الشكوى أو الاختلاف فى الرأى وهو الأمر الذى سيؤدى فى النهاية إلى انفجار الطفل واتجاهه للتصرفات العدوانية. ولكن يجب أيضا الوضع فى الاعتبار أن الاستماع لطفلك لا يعنى تلبية كل رغباته، مع الانتباه إلى أن تصرفات الأطفال العدوانية قد لا تكون فقط لتفريغ ما بداخلهم ولكن أيضا بسبب أنهم قد اعتادوا على هذا الأمر فى الأصل، فإن الأهالى يريدون دائما تربية أبنائهم ليتمتعوا بشخصية قوية مع مقدرة على الدفاع عن أنفسهم فى المواقف الصعبة، وفى هذا الوقت قد يكون الأهل سببا فى تدعيم سلوك أطفالهم العدوانى بسبب الاهتمام الزائد.
كما أن عقاب الطفل أو تأنيبه بعنف بسبب سلوكه العدوانى قد يكون سببا فى استمرار هذا السلوك.
فمثلا، يمكن لنا أن نتخيل هذا المشهد حيث يجلس طفل يلعب لعبة معينة مثل المكعبات أو البازل أو ألعاب الفيديو ولكنه فى النهاية لا يستطيع استكمال اللعبة مما يجعله يشعر بالإحباط وخاصة أن الأب أو الأم يكونان موجودين دون أن يتدخلا نهائيا، وهو الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى أن يفقد الطفل أعصابه ويبدأ فى الصراخ بصوت عال ويرمى اللعبة ليعاقب الأب أو الأم بعدها الطفل بإرساله إلى غرفته.
وفى مثل هذا الموقف، قد يبدو أن الأب أو الأم قد تصرفا بطريقة مثالية، ولكن هذلم يحدث، لأن الوقت الوحيد الذى انتبه فيه الأب أو الأم للطفل هو وقت توبيخ الطفل بطريقة سلبية. وبهذا الشكل، قد يشعر الطفل أن عدم اهتمام الأب أو الأم أفضل من اهتمامهما وبالتالى فإنه سيستمر فى التصرف بعدوانية فى أنشطته اليومية.
التعامل مع الطفل العدواني:
يجب على كل أب وأم الوضع فى الاعتبار أنه عند التعامل مع طفل عدوانى، فسيكون من المفيد جدا الثناء على أى تصرف جيد أو إيجابى من ناحيته. حتى ولو كان صغيرا مع محاولة عدم الانتباه للتصرفات السلبية.
إن تحويل الطفل من شخص عدواني إلى غير عدوانى أمر يحتاج بعض الوقت والصبر، وهناك مجموعة من الاقتراحات والنصائح للمساعدة في التعامل مع الطفل العدوانى:
- يجب على الأم أن تكتشف الأشياء التى تسبب عدوانية طفلها وخاصة أن الأطفال لا يكونون قادرين تماما على التعبير عما يضايقهم. فمثلا من الممكن أن يتضايق الطفل أو يغضب بسبب تأخر وجبة طعامه أو عدم لحاقه بمباراة كرة قدم. إن الدراية التامة ومعرفة الأمور التى قد تثير العدوانية فى طفلك، أمر سيساعد على تجنب تلك المواقف أو على الأقل الاستعداد لها. ويمكنك أن تحتفظى بمفكرة صغيرة تدونين فيها الأوقات التى يكون فيها طفلك متضايقا خلال اليوم. فمثلا، إذا كان طفلك صعب المراس فى الصباح، فامنحيه بعض وقت النوم الإضافى أو لا تطلبى منه أشياء كثيرة فور استيقاظه. وهناك مثال آخر، إذا كان طفلك عادة يستشيط غضبا عندما يكون فى متجر ألعاب ولم يسمح له بشراء اللعبة، فيجب حينئذ أن تنبهى طفلك إلى ذلك أو تتركيه فى المنزل من البداية.
- تجنبى العقاب البدنى أو الضرب: لأن الانفجار فى وجه طفل أساء التصرف أو الاستشاطة غضبا أمر فى غاية السهولة. ولكن فى نفس الوقت يجب أن تنتبه الأم وتكون حريصة كل الحرص فى طريقة تعبيرها عن غضبها لأن الطفل يتعلم من والديه عامة ويراقب كل تصرفاتهما. إن معاقبة طفل غاضب بضربه أو الصراخ عليه سيزيد من عدوانيته. ولذلك فإذاا كان الأب أو الأم يريدان من طفلهما التصرف بمسئولية وهدوء فعليهما أن يكونا مثالا حيا على تلك الأمور.
- يجب على كل أم أن تكون على دراية تامة بشخصية طفلها لأن هذا يمنحها القدرة على توقع تصرفاته وتحركاته. فمثلا، إذا كان طفلك لا يجيد التعامل مع الظروف المفاجئة، حاولى أن تحافظى على روتينه اليومى.
- كونى قدوة: يجب على أى أب أو أم ألا يتوقعوا من أطفالهم أشياء أو تصرفات هم أنفسهم غير ملتزمين بها، مع الوضع فى الاعتبار أن الأهالى يجب عليهم الانتباه إلى كل أفعالهم وأقوالهم فأى ملاحظة حتى لو كانت غير مقصودة يمكن للطفل أن يسئ فهمها. أن يكون الأب أو الأم قدوة ومثالا لأطفالهما لا يعنى فقط تحكمهما فى مشاعرهما ولكن يعنى أيضا مساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره سواء كانت سلبية أو إيجابية. ويمكن للأم أن تبدأ بإظهار التعاطف والدعم للآخرين عن طريق بعض الأعمال التطوعية مثل تقديم الأزهار أو سلال الفاكهة للجيران أو زيارة المرضى من الأطفال فى المستشفيات.
- أن يكون الأهل قدوة لأطفالهم، أمر لا يعنى إخفائهم لمشاعرهم، فيجب أن يتمكن الطفل من رؤية أهله يتصرفون على طبيعتهم دون إخفاء للمشاعر أو المخاوف. فيجب أن يرى الطفل أن والده أو والدته يملكان الثقة والتحكم بالنفس اللذين يسمحان لهما بالتصرف بعقلانية حتى وهما غاضبان.
- إن أسلوب مكافأة الطفل على تصرفاته الجيدة أمر نافع جدا للأطفال وخاصة الأكبر سنا والذين قد يكونون لا يستطيعون التوقف عن تصرفاتهم أو ميولهم العدوانية. فيمكنك مثلا أن تكافئى طفلك على سلوكه الجيد بالذهاب للحديقة أو الذهاب لمنزل أصدقائه للعب معهم. فى البداية، يجب على الطفل أن يكون مدركا لطريقة التصرف المقبولة حتى تتم مكافأته إذا تصرف وفقها أو منع المكافأة عنه إذا خالف التعليمات. فمثلا، إذا كان طفلك معك أثناء رحلة التسوق ولم يصدر منه أى نوع من أنواع الصراخ أو البكاء أو الضرب، فيمكنك أن تكافئيه مثلا بالمرور على الحديقة فى طريق عودتكما للمنزل. كما يجب أيضا على الأم أن تفهم أن مكافأة الطفل حتى يكون لها أثرها يجب أن تكون بناء على تعليمات يعرفها الطفل مسبقا. وفى نفس الوقت لا تعودى طفلك على إعطائه لعبة كلما فعل أمرا جيدا مع الاهتمام بضرورة أن يشعر الطفل أن والديه فخوران به.
- لكى تساعدى طفلك العدواني أو العصبى على الهدوء، يجبأن تكونى أنت هادئة مع عدم محاولة التحدث معه حتى يهدأ.
نصيحة أخيرة، إذا كان طفلك لديه ميول تدميرية عدوانية ولم يؤثر فيه تدخل الأهل أو أنه يبدو سعيدا بإيذاء الآخرين، فيجب عليك اللجوء للطبيب النفسى.